Bootstrap
الشريف غالب بن مساعد
وصية غالب بن مساعد بن سعيد بن زيد أمير مكة

و الواقف دام عزه يستعين بالله تعالى على من يقصد وقفه هذا بغش أو يرومه ببطلان وعناد فمن فعل ذلك فالله تعالى حسيبه ومجازيه, وعلى سوء عمله مكافيه يوم الطامة يوم القارعة يوم السجن النار والحاكم الجبار يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم سوء الدار, ومن أعاده على مصالحه وأجراه على شروطه برده مضجعه ولقنه حجته وأكرم مثواه وجعل الجنة متقلبه ومأواه

البردة للبوصيري في مدح النبي

أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ مزجتَ دمعًا جرى من مقلةٍ بدمِ أمْ هبَّتِ الريحُ من تلقاءِ كاظمةٍ وأوْمَضَ البَرْقُ في الظلْماءِ مِنْ إضَمِ فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أنَّ الحُبَّ مُنْكتِمٌ ما بَيْنَ مُنْسَجِم منهُ ومضطَرِمِ لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعًا عَلَى طَلَلٍ ولا أرقتَ لذكرِ البانِ والعَلمِ فكيفَ تُنْكِرُ حُبَّا بعدَ ما شَهِدَتْ بهِ عليكَ عدولُ الدَّمْعِ والسَّقَم وَأثْبَتَ الوجْدُ خَطَّيْ عَبْرَةٍ وضَنًى مِثْلَ البَهارِ عَلَى خَدَّيْكَ والعَنَمِ نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقني والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذاتِ بالأَلَمِ يا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَةً منِّي إليكَ ولو أنصفتَ لم تلُمِ عَدَتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمُسْتَتِرٍ عن الوُشاةِ ولا دائي بمنحسمِ مَحَّضَتْنِي النُّصْحَ لكِنْ لَسْتُ أَسْمَعُهُ إنَّ المُحِبَّ عَن العُذَّالِ في صَمَمِ إني اتهمتُ نصيحَ الشيبِ في عذلٍ والشَّيْبُ أَبْعَدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَم فإنَّ أمَّارَتي بالسوءِ ما اتعظتْ من جهلها بنذيرِ الشيبِ والهرمِ ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيلِ قِرَى ضيفٍ ألمَّ برأسي غير محتشمِ لو كنت أعلم أني ما أوقره كتمت سرًّا بدا لي منه بالكتم من لي بِرَدِّ جماحٍ من غوايتها كما يُرَدُّ جماحُ الخيلِ باللجمِ فلا تَرُمْ بالمعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِها إنَّ الطعامَ يُقَوِّي شهوةَ النهمِ والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم فاصرفْ هواها وحاذرْ أنْ تُوَلِّيَهُ إنَّ الهوى ما تولَّى يُصمِ أوْ يَصمِ وَراعِها وهيَ في الأعمالِ سائِمةٌ وإنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِم كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةٍ لِلْمَرءِ قاتِلَةً من حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ وَاخْشَ الدَّسائِسَ مِن جُوعٍ وَمِنْ شِبَع فَرُبَّ مَخْمَصَةٍ شَرٌّ مِنَ التُّخَمِ واسْتَفْرِغ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنٍ قد امْتَلأتْ مِنَ المَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَّدَمِ وخالفِ النفسَّ والشيطانَ واعصهما وإنْ هُما مَحَّضاكَ النُّصحَ فاتهم وَلا تُطِعْ منهما خَصْمًا وَلا حَكمًَا فأنْتَ تَعْرِفُ كيْدَ الخَصْمِ والحَكمِ أسْتَغْفِرُ الله مِنْ قَوْلٍ بِلاَ عَمَلٍ لقد نسبتُ به نسلًا لذي عقمِ أمرتكَ الخيرَ لكنْ ما ائتمرتُ بهِ وما استقمتُ فما قولي لك استقمِ ولا تَزَوَّدْتُ قبلَ المَوْتِ نافِلةً ولَمْ أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ ولَمْ أَصُمِ ظلمتُ سُنَّةَ منْ أحيا الظلامَ إلى أنِ اشْتَكَتْ قَدَماهُ الضُّرَّ مِنْ وَرَم وشدَّ مِنْ سَغَبٍ أحشاءهُ وَطَوَى تحتَ الحجارةِ كشحًا مترفَ الأدمِ وراودتهُ الجبالُ الُشُّمُّ من ذهبٍ عن نفسهِ فأراها أيما شممِ وأكَّدَتْ زُهْدَهُ فيها ضرورتهُ إنَّ الضرورةَ لا تعدو على العصمِ وَكَيفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورَةُ مَنْ لولاهُ لم تخرجِ الدنيا من العدمِ محمدٌ سيدُّ الكونينِ والثَّقَلَيْنِ والفريقينِ من عُربٍ ومن عجمِ نبينَّا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ أبَرَّ في قَوْلِ «لا» مِنْهُ وَلا «نَعَمِ» هُوَ الحَبيبُ الذي تُرْجَى شَفَاعَتُهُ لِكلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقْتَحَمِ دعا إلى اللهِ فالمستمسكونَ بهِ مستمسكونَ بحبلٍ غيرِ منفصمِ فاقَ النبيينَ في خلْقٍ وفي خُلُقٍ ولمْ يدانوهُ في علمٍ ولا كَرَمِ وكلهمْ من رسول اللهِ ملتمسٌ غَرْفًا مِنَ البَحْرِ أوْ رَشْفًا مِنَ الدِّيَمِ وواقفونَ لديهِ عندَ حَدِّهمِ من نقطةِ العلمِ أومنْ شكلةِ الحكمِ فهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصُورَتُه ثمَّ اصطفاهُ حبيبًا بارئ النَّسمِ مُنَّزَّهٌ عن شريكٍ في محاسنهِ فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيهِ غيرُ مُنْقَسِمَ دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ وَاحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحًا فيهِ واحْتَكِمِ وانْسُبْ إلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ وَانْسُبْ إلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ منْ عِظَمِ فإن فضلَ رسولِ اللهِ ليسَ لهُ حَدٌّ فيُعْرِبَ عنه ناطِقٌ بفَمِ لو ناسبتْ قدرهُ آياتهُ عظمًا أحيا اسمهُ حينَ يُدعى دارسَ الرِّممِ لَمْ يَمْتَحِنَّا بما تعْمل العُقولُ بِهِ حِرْصًا علينا فلمْ ولَمْ نَهَمِ أعيا الورى فهمُ معانهُ فليس يُرى في القُرْبِ والبعدِ فيهِ غير منفحِمِ كالشمسِ تظهرُ للعينينِ من بُعُدٍ صَغِيرَةٍ وَتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أممٍ وكيفَ يُدْرِكُ في الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ قومٌ نيامٌ تسلَّوا عنهُ بالحُلُمِ فمبلغُ العلمِ فيهِ أنهُ بشرٌ وأنهُ خيرُ خلقِ اللهِ كلهمِ وَكلُّ آيٍ أَتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بها فإنما اتَّصلتْ من نورهِ بهمِ فإنهُ شمسٌ فضلٍ همْ كواكبها يُظْهِرْنَ أَنْوارَها للناسِ في الظُلَم أكرمْ بخلقِ نبيٍّ زانهُ خُلُقٌ بالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بالبِشْرِ مُتَّسِمِ كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبَدْرِ في شَرَفٍ والبَحْر في كَرَمٍ والدهْرِ في هِمَمِ كأنهُ وهو فردٌ من جلالتهِ في عَسْكَرٍ حينَ تَلْقاهُ وفي حَشَمِ كَأَنَّما اللُّؤْلُؤُ المَكْنونُ في صَدَفِ من معدني منطقٍ منهُ ومبتسمِ لا طِيبَ يَعْدِلُ تُرْبًا ضَمَّ أَعْظُمَهُ طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ منهُ ومُلْتَئِم أبان مولدهُ عن طيبِ عُنصرهِ يا طِيبَ مُبْتَدَأٍ منه ومُخْتَتَمِ يومٌ تفرَّسَ فيهِ الفرسُ أنهمُ قد أنذروا بحلولِ البؤسِ والنقمِ وباتَ إيوانُ كسرى وهو منصدعٌ كشملِ أصحابِ كسرى غيرَ ملتئمِ والنَّارُ خامِدَةُ الأنفاس مِنْ أَسَفٍ عليه والنَّهرُ ساهي العين من سدمِ وساء ساوة أن غاضتْ بحيرتها ورُدَّ واردها بالغيظِ حين ظمي كأنَّ بالنارِ ما بالماء من بللٍ حُزْنًا وبالماءِ ما بالنَّارِ من ضرمِ والجنُّ تهتفُ والأنوار ساطعةٌ والحَقُّ يَظْهَرُ مِنْ مَعْنًى ومِنْ كَلِم عَموُا وصمُّوا فإعلانُ البشائرِ لمْ تُسْمَعْ وَبارِقَةُ الإِنْذارِ لَمْ تُشَم مِنْ بَعْدِ ما أَخْبَرَ الأقْوامَ كاهِنُهُمْ بأَنَّ دينَهُمُ المُعْوَجَّ لَمْ يَقُمِ وبعدَ ما عاينوا في الأفقِ من شُهُبٍ منقضةٍ وفقَ ما في الأرضِ من صنمِ حتى غدا عن طريقِ الوحيِ مُنهزمٌ من الشياطينِ يقفو إثرَ منهزمِ كأَنُهُمْ هَرَبًا أبطالُ أَبْرَهَةٍ أوْ ع