Bootstrap
الشريف غالب بن مساعد
وصية غالب بن مساعد بن سعيد بن زيد أمير مكة

و الواقف دام عزه يستعين بالله تعالى على من يقصد وقفه هذا بغش أو يرومه ببطلان وعناد فمن فعل ذلك فالله تعالى حسيبه ومجازيه, وعلى سوء عمله مكافيه يوم الطامة يوم القارعة يوم السجن النار والحاكم الجبار يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم سوء الدار, ومن أعاده على مصالحه وأجراه على شروطه برده مضجعه ولقنه حجته وأكرم مثواه وجعل الجنة متقلبه ومأواه

تفسير الرازي في قوله ولا تَرْكَنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا

ثُمَّ قالَ: ﴿ولا تَطْغَوْا﴾ ومَعْنى الطُّغْيانِ أنْ يُجاوِزَ المِقْدارَ، قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُرِيدُ: تَواضَعُوا لِلَّهِ تَعالى ولا تَتَكَبَّرُوا عَلى أحَدٍ، وقِيلَ: ولا تَطْغَوْا في القُرْآنِ فَتُحِلُّوا حَرامَهُ وتُحَرِّمُوا حَلالَهُ، وقِيلَ: لا تَتَجاوَزُوا ما أُمِرْتُمْ بِهِ وحُدَّ لَكم، وقِيلَ: ولا تَعْدِلُوا عَنْ طَرِيقِ شُكْرِهِ والتَّواضُعِ لَهُ عِنْدَ عِظَمِ نِعَمِهِ عَلَيْكم، والأوْلى دُخُولُ الكُلِّ فِيهِ، ثُمَّ قالَ: ﴿ولا تَرْكَنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ والرُّكُونُ هو السُّكُونُ إلى الشَّيْءِ والمَيْلُ إلَيْهِ بِالمَحَبَّةِ، ونَقِيضُهُ النُّفُورُ عَنْهُ، وقَرَأ العامَّةُ بِفَتْحِ التّاءِ والكافِ، والماضِي مِن هَذا رَكِنَ كَعَلِمَ وفِيهِ لُغَةٌ أُخْرى رَكَنَ يَرْكَنُ، قالَ الأزْهَرِيُّ: ولَيْسَتْ بِفَصِيحَةٍ، قالَ المُحَقِّقُونَ: الرُّكُونُ المَنهِيُّ عَنْهُ هو الرِّضا بِما عَلَيْهِ الظَّلَمَةُ مِنَ الظُّلْمِ، وتَحْسِينُ تِلْكَ الطَّرِيقَةِ وتَزْيِينُها عِنْدَهم وعِنْدَ غَيْرِهِمْ، ومُشارَكَتُهم في شَيْءٍ مِن تِلْكَ الأبْوابِ، فَأمّا مُداخَلَتُهم لِدَفْعِ ضَرَرٍ أوِ اجْتِلابِ مَنفَعَةٍ عاجِلَةٍ فَغَيْرُ داخِلٍ في الرُّكُونِ، ومَعْنى قَوْلِهِ: ﴿فَتَمَسَّكُمُ النّارُ﴾ أيْ أنَّكم إنْ رَكَنْتُمْ إلَيْهِمْ فَهَذِهِ عاقِبَةُ الرُّكُونِ، ثُمَّ قالَ: ﴿وما لَكم مِن دُونِ اللَّهِ مِن أوْلِياءَ﴾ أيْ لَيْسَ لَكم أوْلِياءُ يُخَلِّصُونَكم مِن عَذابِ اللَّهِ. * * * ثُمَّ قالَ: ﴿ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ﴾ والمُرادُ لا تَجِدُونَ مَن يَنْصُرُكم مِن تِلْكَ الواقِعَةِ. واعْلَمْ أنَّ اللَّهَ تَعالى حَكَمَ بِأنَّ مَن رَكَنَ إلى الظَّلَمَةِ لا بُدَّ وأنْ تَمَسَّهُ النّارُ، وإذا كانَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ يَكُونُ حالُ الظّالِمِ في نَفْسِهِ.